Saturday, November 14, 2009

اليوم العالمي للفلسفة

الحدث : الإحتفالية الأولى باليوم العالمي للفلسفة

المكان: مسقط ، النادي الثقافي
الزمان :21 &22/11/2009م
التوقيت : الساعة السابعة مساء
محاور الندوة
اليوم الأول
كلمة الجمعية
عبدالله حبيب : الفلسفة والسينما
محمد رضا اللواتيا : تأثير فلسفة إبن سينا في الفلسفة الغربية
مدير الجلسة : سماء عيسى
اليوم الثاني
خميس العدوي :التفلسف في علم الكلام : جامع البسيوي أنموذجا
علي سليمان الرواحي : غياب مادة الفلسفة من المناهج التعليمية العمانية
مدير الجلسة : سماء عيسى


الدعوة عامة

Wednesday, November 4, 2009

تداول الغموض

مفهوم (الوطنية) نموذجاً

يثير مفهوم (الوطنية) في الوقت الحاضر إشكاليات ٍ كثيرة، ونقاش لا ينتهي. تأخذ هذه الإشكاليات أبعادا ً مختلفة، ومحاور متباينة، ذلك
إن المفهوم في عمقه غير قابل للتحديد والتعيين، وهو تصنيفي بالدرجة الأولى. انه يتسع للشيء ونقيضه. بالإضافة إلى ذلك فهذا المفهوم يتم تداوله وتناقله بين الفاعلين الاجتماعيين بشكل ٍ مستمر ٍ ودائم وفي معظم المناسبات والأحداث، وهو غامض من حيث إن التعريفات أو محاولات تعريفه لا تزيده وضوحا ً بقدر ما تزيده غموضا ً، وحجبا ً.

تحاول هذه الورقة الاقتراب من هذا المفهوم الشائك من الناحية التاريخية ومن الجانب المفاهيمي.
لن نستطيع الحديث عن هذا المفهوم دون الحديث عن النقيض ، وعلى هذا الأساس فلن يكون بإمكاننا الحديث عن الشخص الوطني دون الحديث عن المنشق أو الخائن أو العميل والعديد من الألفاظ التي تقترب من هذا المعنى.

في ما مضى من الزمان كان الكائن البشري يتنّقل في هذه الأرض بلا حدود جغرافية أو شروط رقابية، كانت الأرض عبارة عن وطن دائم بدون هذه التحديدات والشروط، ونتيجة لتكاثر هذا الكائن وازدياده اضطر لوضع الحدود الجغرافية والمعرفية بينه وبين الآخرين. من هنا ظهر "الآخر" وظهرت معه السدود. بالرغم من وجود التجمعات منذ قديم الزمان إلا إن الأفكار لم تتبلور إلى وجود تنظيمات ٍ سياسية كما هي الآن إلا حديثا ً (نستخدم هنا تاريخ الفترات الطويلة ، حسب "بروديل"ً أي تلك النظرة التي تمتد لقرون وليست لعقود فقط) ومع ازدياد التغيرات الشاملة وتسارعها على الكائن البشري تبلور لديه ما يسمى بالوطن. وتشكلت الدولة كحدود ٍ جغرافية محددة. لها قوانينها المختلفة عن بقية الدول أو الكيانات الأخرى. تختلف الدولة عن الوطنية في طرحنا هنا، وسبب هذا الاختلاف أن الدولة محددة جغرافيا ً ومكانيا ً في حين أن الوطن لا يمكن تحديده. الدولة قابلة للعقلنة والوطن ارتباط وجداني وعلاقة عشق. الوطن مجموعة من المشاعر والعواطف الغير قابلة للتعليل تجاه مكان معين أو حضارة معينه، في حين أن الدولة هي ذلك المكان الجغرافي المعروف باسم ٍ معين على المستوى السياسي وبقية المستويات الأخرى. بشكل ٍ غير مباشر يتم هنا طرح مفهومي "الانتماء" "والانتساب" ، برغم صعوبة الحسم في مواضيع كهذه.

في حديثنا عن الوطنية، نتحدثُ عن صفات ٍ ذاتية ومشاعر خاصة، لا يمكن قياسها أو إمساكها، ذلك إن هذه المقاييس – إن وجدت- ف هي مقاييس ظرفية، خاضعة للزمان والمكان، أي أن لها أسباب نزول وبالتالي لها مناسبة محددة قيلت فيها وهذا يعني أنها لا تنطبق على ظروف ٍ وتجارب أخرى، وهي (المقاييس) مشبّعة ُ بالرؤى والتجارب الذاتية وممزوجة بالخلفيات المعرفية للكائن البشري ، وموجهة من قبل الشروط والإمكانيات الاجتماعية والمعرفية والسلطوية.

كيف إذن يتم تحديد الوطني أو نقيضه ؟ وعلى أي أساس يتم هذا التصنيف؟

ورد سابقا ً أن التجارب الشخصية هي المحدد لمقياس الوطنية من عدمه، لذلك فهو يحتمل اللانهائي من التعريفات والمقاربات. تتداخل المصالح الشخصية مع المصالح العامة في المواقف التاريخية والأحداث الحاسمة حتى إن الفصل بينهما يستوجب بحثا ً تفصيليا ً دقيقا ً للأحوال والمواقف. هذا التداخل بين الذاتي والعام أدى إلى حدوث اختلاف في تأويل المواقف وتباين في مصادرها وأهدافها. لذلك يتم بين الحين والآخر إلصاق الصفات النقيضه للوطنية من قبل الخائن والعميل(بالمعنى السياسي وليس بالمعنى التجاري) وغيرها الكثير من الصفات.

ثمة ارتباط وجداني لا يخضع للسببية بين الوطنية والمجال السياسي، حتى إننا نجد أن الوطنية أو الحديث عنها لا يتم إلا في الأزمات أو أوقات الشدة ، في حين أن في أوقات الرخاء لا يتم الحديث عنها، بل ويتم تناسي هذا النوع من الصفات. بإمكاننا تسمية هذه الوضعية ب (اكتشاف الوطن) ، ف قبل هذه الأزمات نلاحظ اختفاء ً تاما ً لمفاهيم مثل الوطنية ومختلف الصفات التي تشترك معها، وحينما تبدأ الأزمات بالتبلور والظهور تنبثق العدة المفاهيمية والرؤى التصنيفية .هذا الترابط بين المجال السياسي والوطنية يكشف عن هيمنة الفكر السياسي على المتداولين لهذه الصفات وبالتالي فقدان الارتباط بين الوطنية وبقية المجالات الأخرى. غياب المجالات الأخرى عن الوطنية فيتم تغييب أو تهميش مجالات ٍ أخرى كالمجال الاجتماعي والديني.

على المستوى التاريخي والواقعي نجد أن مفهوم الوطنية ومن خلال الممارسات المتعددة تم استخدامه على نطاقات متعددة ومستويات ٍ مختلفة ، بل وفي مواقف متناقضة.