Wednesday, October 24, 2007

الثقافة العُمانية الإلكترونية

تمثل الشبكة المعلوماتية الدولية (الانترنت) فضاء ً مفتوحا ً على اللامتناهي من الاستخدامات والتوظيفات. وهي في ذلك تمزج بين النص والسماع والرؤية.
بوجود هذا الفضاء المفتوح انتهت الكثير من الايدلوجيات المهيمنة, وتغيرت مواقع معظم الرؤى والمواقع الفكرية التي كانت سائدة , وفي المقابل برزت الكثير من الظواهر والايدلوجيات التي اعتقد الكثير انها انتهت اواختفت.
نحاول في هذا البحث التطرق للثقافة العُمانية الالكترونية اي لتلك الثقافة العُمانية التي نشأت وتكونت في فضاءات الشبكة العالمية, بعيدا ًعن المواقع الرسمية التابعة للهيئات والدوائر الحكومية , محاولين تسليط الضوء على بعض المواقع الالكترونية العُمانية او ما تسمى بالمنتديات, وتحليل بعض سماتها العامة , مبتعدين في هذه الرؤية عن التطرق للمدونات الشخصية.
عندما نقول الثقافة العُمانية الالكترونية فإننا نقصد تمييزها عن تلك الثقافة العُمانية الورقية كالصحف والمجلات وتمييزها كذلك عن الثقافة المرئية والمسموعة مثل القنوات التلفزيونية والاذاعات. وعندما نقول الثقافة العُمانية الإلكترونية فإننا نقول بشكل ٍ ضمني بأن هذه المنتديات والمواقع لا تختلف كثيرا ً عن البيئة العمانية من حيث بنية التفكير وطريقة النقاش واساليب الحجاج والمواضيع المهيمنه. فهذه المنتديات, كما سنبين لاحقا ً, نسخة تقنية رقمية عن البيئة العمانية بشكل ٍ عام , مع اختلاف اسلوب طريقة التعبير.

احتمالات التناسل الالكتروني :-

تتناسل المواقع العُمانية في الأونة الاخيرة بشكل ٍ متسارع يدعو للتساؤل عن اسباب كثرة هذه المنتديات.
وربما بقليل من التأمل والتروي نجد ان لهذا التناسل الالكتروني العماني ما يبرره.
ف بنظرة احصائية تقريبيه نجد ان المنتديات العمانية يقترب عددها من الخمسين موقعا ً ومنتدى , وهو ما يجعلنا نتسائل عن الاسباب الواقعية الكامنة خلف هذه التناسل الالكتروني؟ ونتائجه.
تتعدد الآراء حول الاسباب الرئيسية لهذا التناسل. فهناك من يقول بأن الرقابة الرسمية الصارمة نوعا ً ما على الكتابة والنشر في سلطنة عمان هي احد الاسباب التي ادت لهذا التناسل. فجميع المشاركين في هذه المنتديات يبحثون عن الحرية والانفتاح في الكتابه والطرح للمواضيع , وهذه الحرية تتعذر في الصحف العمانية اليومية المقروءة مما يشكل المنتدى فسحة كبيرة للحديث بشكل ٍ حر.
الحرية اذن هي الفردوس المفقود في الصحافة العمانية والمنتديات جاءت كتعويض ٍ عن هذا الفقد.
تفترض الفكرة الاخيرة بأن المنتديات خالية من الرقابة الرسمية,وبأن الحرية في الطرح ممكنة بل وطبيعية. ولكن الرؤية المتأنية والهادئة لهذه النقطة تكشف لنا عن تلك المثالية الكبيرة التي تغلفّ هذا الطرح وتؤدلجه. وبحسب الرؤية الاخيرة فإن المنتديات نشأت كضرورة للتعبير واثارة لبعض القضايا ومناقشتها بكل حرية وانفتاح وبقدر ٍ عال ٍ من الموضوعية. في حين ان المتابع للمواضيع التي تثار في هذه المنتديات يكتشف وبكل وضوح ان معظم هذه المناقشات تفتقر للكثير من اسس النقاش الموضوعي وهو ما سنوضحه في الفقرات القادمة.
بعد الانتهاء من قضية "سبلة العرب" وصدور الحكم القضائي في هذه القضية , وبعد ان اتخذ مؤسس هذا الموقع قراره الشخصي الحر بإغلاق " السبلة ", ظهرت العديد من المنتديات المشابهة لها املا ً في مواصلة مسيرة التعبير "الحر" التي كانت موجودة في السبلة. اذا نظرنا للجهود المبذولة في سبيل عدم توقف طرح المواضيع عندما تم اغلاق "سبلة العرب" نجد انه تم انشاء منتديات مشابهه من حيث المضمون وطريقة الطرح والمعالجة مع اختلاف طبيعي في اسماء هذه المنتديات.
لم يكن الكم الكبير لهذه المنتديات بلا نتائج على وضع الكتابة والتعبير في الصحافة العمانية. من ابرز النتائج ضعف المواضيع - من ناحية الكم والكيف - المطروحة في الصحافة العمانية مقارنة بالمواضيع المطروحة في المنتديات. ثانيا ً: انعدام المناقشات للمواضيع والرؤى المطروحة مما جعل المنتديات تحتضن هذه النقاشات بغض النظر عن اساليب هذه المناقشات ومستواها.

ثمة احتمال آخر لهذا التناسل الالكتروني للمنتديات العمانية وهو بأن هذه المنتديات تسمح للجميع, مهما اختلفت مستوياتهم المعرفية وتباينت خلفياتهم الايدلوجية , تسمح لهم جميعا ً بأن يعبّروا عن انفسهم كل حسب رؤاه ومستواه, بعيدا ً عن تلك الفروقات البعدية التي يتم إلصاقها بهذا الكائن او ذاك.
وهي ما تضع المتابع لهذه المنتديات امام مستويات معرفية ولغوية وفكرية متباينة جدا.
وهذا ما يضعنا بالتالي امام "خلطة عجيبة " من الرؤى والافكار المختلفة والمستويات والتي لا يجمع بينها سوى تلك الرغبة الكبيرة في التعبير والحديث للآخرين, والتنفيس عن المكبوت في النفس.

المنتديات :التسمية وآفاق الطرح :-

ثمة سمات عامة تتسم بها المنتديات العمانية حتى ان الاختلاف في تسمية المواقع وتعددها يثير تساؤلا ً حول الهدف من هذه المنتديات الكثيرة المتشابهة.

اولا ً : من ابرز هذه السمات ان البعد السياسي اخذ جانبا ً كبيرا ً في مواضيع المنتديات العمانية , لذلك نجد ان منتديات السياسة تتصدر قائمة هذه المنتديات , وعدد المواضيع المطروحة وعدد المشاركات ونسبة الزيارات.
ثانيا ً : لا يقل حضور البعد الديني في المنتديات العمانية عن الجانب السياسي , فكلاهما يتواجدان بشكل ٍ كبير , وفي معظم الاحوال يأتي هذا التواجد بصورة ٍ تقليدية , لا تختلف كثيرا ً عن ما نسمعه في الاحاديث والتجمعات التي نجدها في المجتمع العماني.
ثالثا ً : النسبة الاكبر من المشاركين في هذه المنتديات يتخذون اسماء رمزية مستعارة, ف من النادر جدا ً وجود مشارك بإسمه الرسمي المعروف به في اوراقه الرسمية والادارية (قد يكون موقع "فرق" الاستثناء الوحيد).
رابعا ً: معظم المواضيع المنشورة في المنتديات تأتي كمواضيع منقولة, احيانا ً يتم التصريح بذلك وفي معظم الحالات يتم هذا النقل دون الاشارة الى مصدرها.
خامسا ً: غالبا ً لا يتم الحوار مع المختلف في الرأي بشكل ٍ معرفي وانما ينتقل الحوار الى شخصية المحاور دون التطرق الى فكرة الموضوع।

من السبلة[1] الى الحارة :-[2]

تعتبر "سبلة العرب" من اوائل المنتديات العمانية الالكترونية وهي لذلك تعد اشهر المنتديات العمانية تقريبا ً, واهمها. منذ تأسيسها في العام 1999 والى العام 2007 - لحظة اغلاقها بناء ً على رغبة مؤسسها ,وذلك بعد صدور حكم البراءة في حقه في القضية المرفوعة ضده - كان لها حضور كبير, وتأثير فاعل في المناقشات التي تدور بين فئة المتابعين لها.

تشير تسمية "السبلة" الى البيئة العمانية في حين ان المسمى الرسمي "سبلة العرب" يشير الى العرب بشكل عام , وهذه اولى مفارقات التسمية , التي تجعل المشاركة في هذه "السبلة" منحصرة فقط وان لم يكن بشكل ٍ رسمي ومكتوب , على جنسية واحدة. يتجلى هذا الحصر في اغلب المواضيع المطروحة للمناقشة في "السبلة" , فهذه المواضيع تتركز بشكل ٍ كبير على الاحوال والاوضاع العمانية مع وجود بعض المواضيع المتفرقة عن الدول الاخرى, مما يجعلنا نتسائل عن اسباب هذا الاختزال في التسمية.
تتضمن هذه "السبلة" , او بالاحرى كانت تتضمن العديد من المنتديات كمنتدى السياسة والاقتصاد ومنتدى الشؤون الدينية ومنتدى الثقافة والفكر وغيرها الكثير, وهي في ذلك لا تختلف كثيرا ً عن بقية المنتديات من حيث تبويب المواضيع والتوجهات التي يتم بها برمجة جميع المشاركين فيها.
تعدد المواضيع السياسية والتسارع الكبير في عدد المشاركات المطروحة في منتديات "السبلة" والخفوت النسبي في المواضيع الاخرى يجعلنا نتسائل عن اسباب هذا التركيز الكبير لمثل هذه المواضيع , وتهميش بقية الجوانب الاخرى. وكأن المواضيع السياسية هي المفتاح لحل جميع المسائل الحيوية. يتناسى المشاركون بأن السياسة في معظم احوالها واوضاعها ليست الا نتيجة للأوضاع الاقتصادية والمعرفية لكل كيان سياسي. وهذا ينطبق ايضا ً على النقاش في المواضيع السياسية وغيرها, ف من المتعذر الحديث في موضوع ٍ ايا ً كان هذا الموضوع دون الإلمام بمعظم جوانبه ان لم تكن جميعها.في حين ان المتأني في متابعة المناقشات يجد عدم الاحاطة بهذه المواضيع والمناهج والاستراتيجيات التي دارت وتدور حولها. تنطبق الفكرة الاخيرة ليس على المواضيع السياسية فقط وانما تمتد لتشمل ايضا ً المواضيع الفكرية والمفاهيمية. فالخلط الحاصل في المفاهيم والرؤى المؤدلجة في الطرح يكشف عن عدم وجود ارضية معرفية كافية للحوار والنقاش بين المشاركين. فعلى سبيل المثال نجد ان مفهوم "العلمانية" يتم طرحه في هذه المنتديات ليس على اساس ٍ تاريخي او معرفي وانما على مواقف شخصية وافكار مؤدلجة تم تلقينها للمشاركين. لا يحاول المشاركون البحث عن امتدادات بعض المفاهيم وتاريخها. وهذا يشكل نقطة خطيرة اذا اخذنا في الحسبان الانتشار الكبير والشعبية الواسعة التي تحظى بها هذه المنتديات. مكمن الخطورة هنا ان هذه المنتديات تشكل وعيا ً زائفا ً, لا يستند على اسس معرفية ٍ عميقة بل على مجرد مجموعة سطحية من الانطباعات والقراءات السريعة الغير نقدية.
بإغلاق "سبلة العرب" ظهرت الى الفضاء الالكتروني سبلة اخرى , انها "سبلة عمان". يحمل هذا الوليد الالكتروني العديد من الدلالات والاشارات من اهم هذه الدلالات ان هذا الفضاء الالكتروني لا تمتلكه المؤسسة الرسمية ومعنى ذلك ان المشاركين بإمكانهم قبول التحدي وفتح مواقع حوارية ومنتديات اخرى. ثانيا ً يأتي هذا التحدي كتطبيق ٍ لتلك المقولة التي جاءت على لسان وليّّ امرنا في تلك الجلسة الشهيرة معرفيا ً واعلاميا ً والتي عقدت في "جامعة السلطان قابوس" في العام 2000 حينما قال "نحن لن نسمح لأحد ان يصادرالفكر... ابدا ً".
بالرغم من الحماسة التي رافقت انشاء "سبلة عمان" الا انها لم تستمر طويلا ً في استقطاب الاسماء التي كانت تشارك في "سبلة العرب". انتقل بعض المشرفين من"سبلة العرب" الى "سبلة عمان" وانتقلت معهم بالتالي بعض الاسماء المشاركة, مما جعل انتقال بعض المفاهيم والافكار نتيجة طبيعية لهذه الانتقالات, وهو ما جعل التغير في اسماء المنتديات ما هو الا تغيرا ً في التسمية فقط , ليأتي منتدى "الحارة العمانية" كحلقة اخرى في هذه السلسلة الطويلة من التناسل الالكتروني العماني.
من ناحية التسمية يشير مسمى "الحارة العمانية" الى خصوصية اخرى ترتبط بالبيئة العمانية و الى اتساع في المكان مقارنة "بالسبلتين" المذكورتين سابقا ً. الا ان المتجول في ازقة هذه الحارة يجد قلة الزوار وضعف عدد ونوعية المواضيع المطروحة فيها.
بظهور هذه المنتديات واختلاف خلفيات المشاركين فيها, كان من المتوقع ان يتم تجاوز او انصهار بعض الخلفيات الايدلوجية المنتشرة في المجتمعات الناشئة, وبقليل ٍ من المتابعة لهذه المنتديات ومواضيعها, نجد ان هذه الايلوجيات انتعشت في هذا الفضاء الالكتروني الجديد. نجد ذلك واضحا ً في بروز بل وانتعاش تلك التصنيفات المذهبية والقبلية , سواء ً أكانت اثناء النقاش او من خلال بعض الاسماء المستعارة. من المهم القول هنا ان ثمة استثناءات تخرج عن هذه القاعدة , وهي استثناءات طبيعية, وضرورية. ولكن وجود هذه الاستثناءات التي تجاوزت هذه التصينفات لا يعني انها ستحتل مكانة ً مهمة في مثل هذه المنتديات ذلك ان الاستثناءات نادرا ً ما يتم سماعها وخاصة اذا تعلق الامر بالمواضيع التي تنعش المخيال الاجتماعي. اي لتلك المواضيع المتعلقة بتلك العلاقة الملتبسة بين ما يسمى بالشرق والغرب او بين الدين الاسلامي والكثير من المواضيع والقضايا الاشكالية الكثيرة التي تطرح بين فترة واخرى.
من الممكن اعتبار "سبلة العرب" سابقا ً او ما تناسل من مواقع إلكترونية عوضا ً عنها , من الممكن اعتبارها مكانا ً للتناقضات. نقصد بذلك انها موئلا ً للكثير من الاشاعات والقليل من المواضيع الواقعية المتحققة. وهو ما يجعلها تفقد المصداقية بنفس القدر من الجاذبية التي تمارسها على المتابعين لها.
كان من المتوقع ان يصاحب التغيير في التسمية تغيرا في المواضيع او طرحها او طريقة معالجتها الا ان الواقع ينبيء بغير ذلك. وهو ما يجعلنا نتسائل حول المغزى الاساسي لهذا التناسل الالكتروني المنتمي لنفس سلالة المؤسسين.

"فرق"[3] : فرق في الرؤى :-

يحاول منتدى "فرق" ان يصنع الفرق والتميز في خارطة المنتديات العمانية , وهو ناجح الى نسبة ٍ كبيرة في صناعة هذا الهدف. يتجلى الفرق في هذا المنتدى من الصفحة الترحيبية الاولى ف حقوق الانسان في التعبير والتفكير واعتناق الآراء هي المدخل الواسع لهذا المنتدى, وهذه الحقوق وغيرها بناء ً على المادة (19) من النص العالمي لحقوق الانسان , كما هو وارد في مدخل الموقع. من البداية يعلن هذا المنتدى بأنه مختلف ومتفق في نفس الوقت. ف هو مختلف عن بقية المنتديات العمانية من ناحية الرؤى والتصورات وهو متفق من حيث ان جميع الناس يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات, حسب الاعلان العالمي لحقوق الانسان. ثمة تميز يشاهده المتصفح في تصفحه لعناوين المنتديات الفرعية من اهمها :-
اولا ً: معظم اسماء المشاركين يشاركون بأسمائهم الرسمية, ولكن مع مرور الوقت بدأت هذه الميزة في التضاؤل والتلاشي.
ثانيا ً: منتدى المواطن : في هذا المنتدى يتم الاصرار على ان هناك مواطنين ولا يمكن تسميتهم بغير ذلك. ففي هذا المنتدى تتم مناقشة نفس القضايا والمواضيع تقريبا التي يتم مناقشتها في المنتديات العمانية الاخرى , وبنفس الاساليب والطرق.فالتركيز هنا على المواطن وحقوقه وواجباته لتأتي بعد ذلك المواضيع الممكن مناقشتها , سواء ً أكانت اقتصادية ام سياسية.
ثالثا ً: يضم هذا المنتدى مجموعة متميزة من الكتاب والمهتمين بالشأن الادبي والمعرفي, وربما هذا هو احد اسباب تميّز مواضيعه. مشاركة هؤلاء الكتاب العمانيون باسمائهم الرسمية منح هذا الموقع نوعا ً من الجاذبية خاصة وان بعضهم له تاريخ حافل في حقوق الانسان, والترحال المعرفي والمكاني.
رابعا ً: نجد الكثير من الادباء العمانيين المعروفين لهم مشاركات في هذا المنتدى وهو ما جعل التجدد في المواضيع والتفاعل في النقاش ومشاركة الرؤى ضعيفا ً نوعا ً ما. من المفترض ان يحدث العكس فيما يتعلق بالنقطة الاخيرة, ولكن اذا نظرنا الى مستوى النقاش بين الادباء العمانيين المشاركين في هذا المنتدى نجد ان معظم الحوارات ليست معرفية الهدف بقدر ما يكون هدفها ابراز "العضلات" المعرفية وابراز التاريخ الشخصي على حساب بقية المشاركين.
خامسا ً:من المنتديات الفرعية المميزة في منتدى"فرق" اهتمامه "بشؤون الاعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة" وهي فكرة متميزة بكل المقاييس لما لهذا الموضوع من اهمية على جميع المستويات, الاجتماعية والنفسية والمعرفية.
سادسا ً: التركيز على حقوق الانسان في العناوين في مدخل هذا المنتدى يوحي بالفرق الكبير الذي يحاول هذا المنتدى ان يصنعه ويقوم به , ولكن المتابع له يكتشف وبوضوح ان لحقوق الانسان حضورا ً خافتا ً. في حين ان الحضور الاكبر يتجلى في مواضيع اخرى غير الانسان وحقوقه.
ثمة خطة طموحة لتوسيع هذا المنتدى وزيادة المجالات التي يقدمها للمتلقي, ولكن المتابع المستمر لهذا المنتدى يكتشف ان تلك الحماسة في طرح المواضيع واختلاف الرؤى والافكار بدأت في الخفوت والتراجع,ذلك ما نلمسه عند تصفحنا للمنتدى في الايام الاولى لتأسيسه مقارنة بعد اشهر من تأسيسه. مكتبة , مخطوطات , والعديد من المجالات المهمة التي كانت ستفتح آفاقا ً جديدة للمتلقي,اختفت مثل اختفاء بعض الاسماء المشاركة من المنتدى.
يتقاطع ويختلف منتدى "فرق" مع منتدى عماني اختفى منذ فترة غير قصيرة , الا هو "مجلس الادب العماني" والذي كان يهتم بالادب العماني بجميع اطيافه , وفي نفس الوقت يضم مجموعة جيدة من الشعراء والكتاب العمانيين. ونقطة التقاطع والاختلاف هنا تأتي من التشابه في بعض المواضيع والمنتديات , و إحلال الاسماء الرسمية لبعض المشاركين عوضا ً عن الاسماء المستعارة. في المقابل فإن نقاط الاختلاف تأتي من حجم حضور الاسماء المشاركة ووضعها الفعلي الاعلامي. وعندما نقول ذلك فإننا نشير وبشكل ٍ مقصود حول امكانية استمرار موقع "فرق" في ظل عدم التجدد المتوقع والبطء النسبي في المواضيع والمشاركات. نقول ذلك ونحن نستذكر تلك المشاريع الثقافية الواعدة التي ظهرت فجأة بشكل ٍ حماسي كبير ثم اختفت فجأة ايضا ً, من هذه المشاريع التجمعات الثقافية وبعض المجلات والعديد من المواقع الالكترونية. مما يجعلنا امام تساؤل حول اسباب عدم استمرار المشاريع الثقافية في الراهن العماني؟

موقع الترجمة[4] : أهمية و تميّز:-

تحتل الترجمة مكانة مهمة في جميع الازمنة والامكنة , فهي عامل مهم وضروري جدا ً في الاستفادة من معارف وتجارب الثقافات الاخرى. ادركت "جماعة الترجمة" في جامعة السلطان قابوس هذه الاهمية , لذلك اسست موقعها الالكتروني التوثيقي , الذي يوثق جميع نشاطاتها ويحفظها من الزوال والضياع. بالاضافة للحضور المتميز لهذه الجماعة على مستوى الصحف العمانية , إلا ان فكرة انشاء موقع لها يكشف عن نضج ووعي متميزين تتمتع بهما ادراة واعضاء الجماعة.
مكمن هذا الوعي في تلك المنتديات التي يضمها "موقع الترجمة" والاقسام الفرعية التي تتجدد بشكل ٍ مستمر ودائم , وفي تلك المشاركات والمناقشات الجارية في اقسام المنتدى.
لا يحظى هذا الموقع بتلك الشهرة الاعلامية التي تحظى بها بقية المواقع والمنتديات العمانية , وهذا لا يعني بأي حال ٍ من الاحوال تلازم الشهرة الاعلامية مع الاهمية المعرفية. ف ليس كل مشهور اعلامي مهم معرفي والعكس ايضا ً. يحتوي المنتدى على العديد من المنتديات الفرعية المتميزة , منها ما هو مختص بالترجمه وفروعها كالترجمة الادبية والدينية وغيرها. ومنها ما مختص ايضا ً بالفنون الابداعية الاخرى كتلك التي تهتم بالمقالات المتميزة او قراءات في بعض الكتب التي يقرأها اعضاء المنتدى.
تتمثل اهمية هذا المنتدى في امكانية التجمع المعرفي الذي يحتضن جميع المهتمين بهذا الفن المعرفي الهام , وتبادل الافكار بخصوص الترجمة. في حين ان ما ينقص هذا المنتدى هو مشاركة بعض المختصين والفاعلين في هذا الحقل المعرفي الهام. غير ان اقتصار نشاط هذه الجماعة على هذا الموقع مع بعض المشاركات في الصحف العمانية يجعل هذا النشاط مقتصرا ً على فئة ٍ معينة: اي تلك الفئة التي تستطيع الوصول لهذا المنتدى عن طريق الشبكة المعلوماتية.
وهو ما يفتح التساؤل حول امكانية تفعيل هذا المنتدى وتفعيله على اوسع نطاق للإستفادة من الجهود المبذولة فيه.

مقترحات ختامية :-

في ختام هذا البحث البسيط والمختصر, يجب ان نورد بعض الرؤى التي تولدّّّت نتيجة هذا البحث. هذه الرؤى ليست موجهة لطرف ٍ دون الآخر او لجهة ٍ معينة , بل هي رؤى مفتوحة غير ايدلوجية , وهي كالآتي :-
اولا ً: هناك الكثير من المواقع الالكترونية العمانية لم يشملها هذا البحث, وهذا لا يعني عدم الاعتراف بأهميتها ودورها وحضورها الفاعل لدى زوارها او المشاركين فيها. نذكر منها "المجرة" و "سأحلم" وغيرها. حاول هذا البحث التطرق لعينة ٍ من هذه المنتديات , تمثّل هذه العينة في رأي كاتب هذه السطور, مجموعة من المنتديات الفاعلة بشكل ٍ كبير, فهذه العينة تساهم في صياغة العديد من الرؤى ووجهات النظر, فهي تقوم ببرمجة ٍ لا واعية للكثير من المواقف والخلفيات تجاه الوجود والعالم ككل. نقول ذلك بالرغم من كل الملاحظات والنواقص التي تعتري هذه المواقع.
ثانيا ً: تساهم هذه المنتديات في خلق مجموعة غير محدودة من المتلقين, وتلقين الكثير منهم بالعديد من وجهات النظر الانفعالية والغير مدروسة , والكثير من المواقف الغير خاضعة للتمحيص والنقد المعرفي, وهي في المقابل تساهم في خلق ارضية جيدة للنقاش والحوار بالرغم من كل المستويات والاشكاليات المرافقة لهذه النقاشات.
ثالثا ً: من الممكن إعتبار هذه المنتديات كمؤشرات للرأي العام وللإتجاهات والاهتمامات التي تتبلور بالتفاعل الايجابي او السلبي مع الاحداث الداخلية او الخارجية ,ذلك ان معظم المواضيع تأتي مباشرة بدون اي تفكير عميق او رؤية متعددة الابعاد , وهو ما ينبغي استثماره من بعض الجهات المختصة كل ُ حسب اهتماماته.
رابعا ً: لا يمكن إغفال الاهمية التي تمثلها هذه المنتديات, فهي تجمع الكثير من الرؤى والعديد من الاطياف والتجمعات المتباينة. وهذا يكشف لنا عن وجود نوعا ً من الاختلاف في الرؤى وبالتالي انعدام هيمنة رؤية واحدة على الواقع وتفسيره, وهو ما يثري النقاش احيانا ً. قلنا سابقا ً بأن البعدين الديني والسياسي هما البعدان المسيطران على هذه المنتديات وهذا يعني تغييب او تهميش البعد الفكري والثقافي في النقاش. نعم توجد العديد من المنتديات الفرعية بهذا الاسم ولكن المتصفح يجد ان هذه المنتديات لا تؤسس لإرضية جيدة وموضوعية من الثقافة والفكر, بل هي تؤسس للكثير من عدم التماسك الموضوعي والمفاهيمي.

[1] http://www.omania.net/ السبلة العمانية سابقا ً. الموقع الوليد www.omania2.net


[2] http://www.alharah.net/


[3] http://www.farrq.net/

[4] www.transqu.net

1 comment:

Anonymous said...

لم أكن أبدا من المعحبين بالمنتديات ولا أعتبرها مصدر يمكن الثقة به من حيث الحصول على المعلومات أو المعرفة. بل كما ذكرت أجدها مكانا مناسبا لانتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة.

الملفت للنظر أن في المكاتب الحكومية - وغير الحكومية - دائما أجد موظفين يفتحون موقع السبلة العمانية في أوقات فراغهم. وكأن السبلة هي المصدر الذي يحصل منه العمانيون على معرفتهم ويستقون منه مواضيع حواراتهم. وهو أمر مؤسف بالنظر إلى المستوى السطحي للمواضيع وللنقاشات.

شكرا لك على الموضوع ، أتمنى أن أرى موضوعا يشبهه عن المدونات العمانية